25 نوفمبر 2025 | 04 جمادى الثانية 1447
A+ A- A
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 30 من جمادى الأولى 1447 هـ - الموافق 21 / 11 / 2025م

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 30 من جمادى الأولى 1447 هـ - الموافق 21 / 11 / 2025م

21 نوفمبر 2025

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 30 من جمادى الأولى 1447هـ الموافق 21 /11 / 2025م

) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا    (

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَجَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، أَحْمَدُ رَبِّي وَأَشْكُرُهُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، جَعَلَ اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ صَحْوًا وَمَطِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أمَّا بعدُ:

فَأُوصِيكُمْ ـ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ـ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ ) وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ   ( [الطلاق:2-3].

أَيُّهَا الـْمُسْلِمُونَ:

إذَا نَضَبَتِ الْعُيُونُ وَالْآبَارُ، وَجَفَّتِ السَّوَاقِي وَالْأَنْهَارُ، وَيَبِسَتِ الْأَشْجَارُ وَقَلَّتِ الثِّمَارُ، وَمَاتَ الزَّرْعُ وَجَفَّ الضَّرْعُ، وَكَادَتِ الْقُلُوبُ أَنْ تَيْأَسَ، وَأَوْشَكَتِ النُّفُوسُ أَنْ تَقْنَطَ: جَاءَ فَرَجُ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَادَ بِالْغَيْثِ ذُو الْجُودِ وَالْعَطَاءِ، فَأَحْيَا بِهِ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ، وَنَفَعَ بِهِ الْحَيَّ وَالْجَمَادَ، وَرَوَى بِهِ الْقُلُوبَ وَالأَكْبَادَ، فَاخْضَرَّتِ الْأَرْضُ بَعْدَ يُبُوسِهَا، وَاسْتَبْشَرَتِ النُّفُوسُ وَتَهَلَّلَتِ الْوُجُوهُ بَعْدَ عُبُوسِهَا، قَالَ تَعَالَى: )اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ  ([الروم:49].

إِنَّ الْمَطَرَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمِنَّةٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ جَسِيمَةٌ، يُحْيِي بِهِ اللَّهُ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَيُنْشِئُ بِهِ لِلْخَلَائِقِ مَصَادِرَ قُوْتِهَا، وَهُوَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْمُشِيرَةِ إلَى قُدْرَتِهِ، وَمِنْ نِعَمِهِ الْغَزِيرَةِ الدَّالَّةِ عَلَى حِكْمَتِهِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: )وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ   ([الأنبياء:30]، وَهُوَ مِنَّةٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ؛ إذْ جَعَلَهُ حُلْوًا سَائِغًا لِلشَّرَابِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ بِذُنُوبِنَا مِلْحًا أُجَاجًا لَا يَسْتَسِيغُه الشُّرَّابُ، ) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ   ( [الواقعة: 68-70].

وَمِنْ فَوَائِدِ الْمَطَرِ الْجَامِعَةِ، وَعَوَائِدِهِ الْكَثِيرَةِ النَّافِعَةِ: إِحْيَاءُ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوَاتِهَا، وَإِنْبَاتُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ زَرْعِهَا وَثِمَارِهَا وَنَبَاتِهَا، وَفِيه رِزْقٌ لِلْخَلَائِقِ فِي حَيَاتِهَا، قَالَ تَعَالَى: ) وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ   ([البقرة:164].

وَالْمَطَرُ آيَةٌ لِلْمُتَّعِظِينَ، وَعِبْرَةٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ، فَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ إحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ، وَمِنْ دَلَائِلِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى إِعَادَةِ الْحَيَاةِ، قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ   ([فصلت:39].

وَبِالْمَطَرِ تَطْهِيرٌ لَلْأَبْدَانِ مِنَ الْأَخْبَاثِ وَالْأَدْرَانِ، وَفِيه شَرَابٌ لَنَا وَسُقْيَا لِلزَّرْعِ وَالْحَيَوَانِ، قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: )وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا. لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا   ( [الفرقان:48-49].

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

إذَا كَانَ الْمَطَرُ نِعْمَةً؛ فَإِنَّ النِّعَمَ تُسْتَجْلَبُ أَسْبَابُهَا، وَتُسْتَطْرَقُ أَبْوَابُهَا، بِمَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مِنَ الْوَسَائِلِ النَّافِعَةِ، وَبِمَا وَضَعَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ مِنَ الْوَسَائِطِ النَّاجِعَةِ، أَلَا وَإِنَّ أَعْظَمَ الْوَسَائِل الْجَالِبَةِ لِلْأَمْطَارِ، وَالْأَسْبَابِ النَّافِعَةِ لِجَرَيَانِ الْأَرْزَاقِ وَالثِّمَارِ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَتَقْوَاهُ، وَالِاسْتِقَامَةُ عَلَى دِينِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ   ( [الأعراف:96].

وَمِنْهَا: تَرْكُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ، وَالتَّعَلُّقُ بِطَاعَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، فَإِنَّ لِلْمَعَاصِي أَثَرًا عَظِيمًا فِي حَبْسِ الْأَمْطَارِ، وَفِي حُدُوثِ كَثِيرٍ مِنَ الْعِلَلِ وَالنَّوَازِلِ وَالْأَخْطَارِ، قَالَ مُجَاهِدٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (إِنَّ الْبَهَائِمَ تَلْعَنُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ إذَا اشْتَدَّتِ السَّنَةُ، وَأَمْسَكَ الْمَطَرُ، وَتَقُولُ: هَذَا بِشُؤْمِ مَعْصِيَةِ ابْنِ آدَمَ).

وَمِنَ الْأَسْبَابِ: الدُّعَاءُ بِصِدْقٍ وَضَرَاعَةٍ، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ... وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا». قَالَ أَنَسٌ: ... ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ، مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَمِنَ الأَسْبَابِ أَيْضًا: صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ، فَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ عَمَّهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي لَهُمْ، فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ القِبْلَةِ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ؛ فَأُسْقُوا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

إِخْوَةَ الإِيمَانِ:

وَمِنَ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِلْأَمْطَارِ: كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ؛ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: )فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً   ([نوح:10-12]. وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَأَدَاءُ حَقِّ الْفُقَرَاءِ: مِنْ أَجَلِّ الْأَسْبَابِ النَّافِعَةِ فِي إِنْزَالِ الْغَيْثِ مِنَ السَّمَاءِ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ ... وَذَكَرَ مِنْهَا: وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانِي].

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الأَمِينُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبادَ اللهِ ـ وتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الدِّينِ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ شَرَعَ لَنَا الْإِسْلَامُ سُنَنًا وَآدَابًا عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَنَّ بِهَا وَيَلْتَزِمَهَا؛ لِمَا فِيهَا مِنْ حُسْنِ الِاتِّبَاعِ، وَمِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ لِمَنْ قَصَدَهُمَا عِنْدَ رَبِّ الْأَرْبَابِ، وَمِنْ تِلْكَ السُّنَنِ وَالْآدَابِ:

أَنْ يَكْشِفَ عَنْ بَعْضِ جَسَدِهِ وَيَتَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ رَحْمَةٌ، وَهُوَ قَرِيبُ الْعَهْدِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ [أَيْ: كَشَفَ] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَمِنْهَا: الدُّعَاءُ بِأَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ مَطَرًا صَبًّا نَافِعًا لَا ضَرَرَ فِيهِ مِنْ سَيْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ عَذَابٍ؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».

وَمِنْهَا: أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَوْطِنَ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»، وَفِي لِفْظٍ: «وَوَقْتَ الْمَطَرِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ].

وَمِنَ السُّنَنِ - يَا عِبَادَ اللَّهِ - نِسْبَةُ الْمَطَرِ إلَى اللَّهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، وَأَنَّهُ مِنْ كَرِيمِ فَضْلِهِ وَوَاسِعِ رَحْمَتِهِ؛ فَعَنْ زَيْدِ ابْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَمِنَ السُّنَّةِ إذَا كَثُرَ الْمَطَرُ وَخِيفَ مِنْهُ الضَّرَرُ؛ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ السَّابِقِ وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الذُّنُوبَ مَا حَلَّتْ فِي دِيَارٍ إلَّا أَهْلَكَتْهَا، وَلَا فِي نُفُوسٍ إلَّا أَفْسَدَتْهَا، وَلَا فِي أُمَّةٍ إلَّا أَذَلَّتْهَا، إِنَّهَا لَتَقُضُّ الْمَضَاجِعَ، وَتَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاتْرُكُوا الذُّنُوبَ وَالْخَطَايَا، وَأَكْثِرُوا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَا يُسْتَنْزَلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ، قَالَ تَعَالَى: ) وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ      ( [النور:31]. قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (مَا نَزَلَ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ).

 اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، وَزَكِّ نُفُوسَنَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا؛ غَيْثًا مُغِيثًا تُحْيِي بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَتُذْهِبُ بِهِ عَطَشَ الْأَرْضِ وَظَمَأَ الْأَكْبَادِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدِ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

معرض الصور

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت